الخميس، 11 يونيو 2015

معضلة تطور البنى المعقدة ، وإستدعاء معجزة التكيف المسبق

معضلة تطور البنى المعقدة ، وإستدعاء معجزة التكيف المسبق  

واحدة من أهم التحديات التي تواجه فكرة النشوء التطوري منذ زمن دارون ؛ هي شرح كيفية تطور الهياكل المعقدة تدريجياً ، لأن الأشكال الوليدة لتلك الهياكل تكون غير كافية لخدمة أي وظيفة.
يقول Mivart  (أحد منتقدي داروين المعاصرين له) ، أن 5% من جناح الطائر لا تكون وظيفية. وبذلك فإن النموذج الأولي غير المكتمل من الصفات المعقدة لن يعيش فترة كافية ليتطور وينمو إلى شكل مفيد عبر الأجيال .

 تفترض نظرية التطورأن العضيات والهياكل الجسدية   تمر أثناء رحلة تطورها عبر سلسلة من المراحل الوسيطة الطفيفة ، يقوم خلالها الإنتقاء الطبيعي  بصياغة  تكيفها  تدريجياً، بالحفاظ على تغيرات المرحلة المفيدة والوظيفية وتدمير ما هو غير صالح أو أقل تكيفاً .أدرك دارون الإشكالية التي تواجه فرضيته ممثلة فى بنية  التراكيب المعقدة بداخل كيانات الأحياء والتي أطلق عليها أجهزة "مفرطة الإتقان والتعقيد"'extreme perfection and complication' ، 
ف
هذه الأعضاء لا تستطيع أن تقوم بوظيفتها الا بوجودها مكتملة ، والمراحل الوسيطة المتتالية التي من المفترض أن يمر بها العضو أثناء رحلة تطوره الطويلة ليس لها أي معنى وظيفي  إلا بوصفها أجزاء من المنتج النهائي ،ولا تقدم أي ميزة إنتقائية ، وبذلك ينعدم  الدور المخول للإنتقاء الطبيعي فى الحفاظ عليها وتثبيتها لأنها مجرد أعضاء مشوهة ناقصة تمثل عبئ على حاملها يجب التخلص منه.
الإنتخاب الطبيعي وفق تعريف الدارونية عملية لا غرض لها ، عمياء عن رؤية المستقبل ، ليس لها أهداف أو غايات ، وهو لا يدري فائدة  لتلك الخطوات الأولية لأنه يتعامل مع كل تقدم على حدى ، ومعيارا التقييم الوحيدان للإنتخاب هما :النجاح فى البقاء ،والنجاح فى التكاثر وهذا ما يجب أن يتوافر فى كل خطوة من خطوات التغيير فى نشوء العضو الحيوي ولكن الطبيعة الغير إختزالية للعضيات الحيوية التي لا تقبل التدرج الوظيفي أو الإنقاص تفشل هذه العملية تماما  .
 لو أخذنا قياساً على خطوات رسم شكل معقد على الورق وليكن شكل وجه إنسان ومثلنا الخطوط التى تتحرك على الورق بالطفرات ، ومثلنا الانتخاب الطبيعي بالممحاة التي تحذف الخطوط غير المفيدة في صياغة الشكل المطلوب ،
سنجد ان اول مشكلة تواجهنا فى هذه العلمية ان الخطوط المرسومة الممثلة فى الطفرات عشوائية تماماً ، ومن واقع إدراكنا أنه لا يمكن لطفرة واحدة أن تصوغ البنية الجسدية المعقدة  ، وأن الأمر يتطلب تقدم تدريجي بطيئ متمثل فى طفرات كثيرة متراكبة ، ستواجهنا مشكلة أكبر فأي تقدم بطيئ تقدمة الطفرات خلال المراحل الوسيطة لا يمكنه أن يحمل أي معني وظيفي للبنية النهائية لأنها غير قابلة للإختزال الوظيفي ، أي لا يمكنها أن تقدم وظيفة محددة الا بوجودها مكتملة الأجزاء .
ويمكننا هنا أن نستنتج أن الممحاة (الانتخاب الطبيعي) لا يمكنها أن تتعرف على أي من الخطوط التقدمية الصحيحة التى ترسمها الطفرات المتتالية لتقوم بتثبيتها ولا تحذفها . ومن ذلك سنجد منطقياً أن الفكرة النظرية مستحيلة التحقيق بعيداً عن التفاصيل العلمية التي تؤكد ذلك ، فالآلية التي من شأنها تقديم تفسير لتطورالبني المعقدة ليس لديها فرصة لتحرز أي تقدم  ، لأنها لا تعدو كونها مجموعة من الشخبطات (الطفرات العشوائية ) سيتم محوها أولاً بأول بمعرفة الإنتخاب لأنه لا يراها ذات فائدة .

إستعرض  مايكل بيهي Michael Behe أستاذ الكيمياء الحيوية في جامعة ليهاي - بنسلفانيا وأحد منظري التصميم الذكي من خلال  كتابه الشهير صندوق داروين الأسود " Darwin's Black Box:The Biochemical Challenge to Evolution  " أمثلة متعددة من النظم الغير قابلة للإختزال على المستوى البيوكيمائي الجزيئي فى الحياة المجهرية الدقيقة والالات الجزيئية داخل الخلايا .
وعرف بيهي النظام الغير قابل للإختزال Irreducible complexity بأنه نظام مركب من العديد من الأجزاء التي تتفاعل بتناسق شديد لإنتاج الوظيفة المخولة بالنظام ويتبع ذلك أن إزالة جزء واحد من أجزائه يعطل هذا النظام ويوقفه عن العمل ، مما يعني أنه قد تم  تصميمه من البداية مع  جميع أجزائه ، وبذلك لا يمكن أن يتكون نتاجاً لطفرات طفيفة متدرجة يتم إنتخابها، فالتطور لا يمكنه بناء وظائف معقدة خطوة بخطوة لأن تلك الخطوات لا يمكنها توفير أي ميزة إ لحاملها, وهذا يعني أن الانتقاء الطبيعي لن ينتقي هذا النمو التطوري ويثبته، ولن يسمح لنظام غير كامل وغير فعال بالانتشار من جيل لآخر فهو لا يثبت سوى التغيرات الوظيفية وهو ما تفتقده تلك النظم التي لا تعرف وظيفتها الا بوجودها مكتملة.


إستدعاء المعجزات :
بدون وجود وظيفة للمراحل الوسيطة لن يتقدم التطور خطوة واحدة لانه سيفقد جوهره الحقيقي المتمثل فى قدرة الانتقاء الطبيعي الانتهازية فى تثبيت الميزات الوظيفية ، وكان الحل الوحيد المتاح أمام منظري الدارونية هو إيجاد وظائف لكل خطوة انتقالية في سبيل تطور التراكيب المعقدة ، وهنا تم إستدعاء فرضية إضافية سميت بفرضية التكيف المسبق Co-option أو  exaptation .تبتكر فرضية التكيف المسبق أو الخيار المشترك  الية غير مباشرة لتطورالبني الجسدية المعقدة غير قابلة للاختزال الوظيفي بإفتراض وجود وظيفة ثانوية لأجزاء النظام فى تراكيب أخرى والتي يمكنها  أن تتكيف فيما بعد لانتاج النظام الجديد
وهو مصطلح جديد نسبيا، إقترحه كلا من ستيفن جاي غولد وإليزابيث فيربا في عام 1982  للتعبير عن الخصائص التي تظهر في سياق وظيفي ما ، قبل أن يتم إستغلالها وإحتوائها فى سياق آخر؛ حيث يمكن لسمة معينة كانت تخدم وظيفة بعينها، أن تتحول في وقت لاحق لوظيفة أخرى.

ومن الامثلة الشهيرة للتكيف المسبق هو ريش الطيور. الذي تفترض الدارونية وجوده لتدفئة الحيوانات قديما قبل أن يتكيف كعامل رئيسي فى الطيران
يلجأ انصار التطورفي معظم القضايا الشبيهة  لمثل هذه الامثلة السطحية والانتقائية دون الخوض فى تفاصيل علمية لتجنب الحرج ، فنقاش الاشكالية على المستوي المجهري فى تراكيب الألات الجزيئية مثل السوط البكتيري كمثال شهير ومثيرللجدل  استخدمه مايكل بيهي في التدليل علي حجته يظل عصياً على الحل  ، فعلى دقة هذا التركيب يبدو تماما كالألة الميكانيكية ، بل هو فعليا كذلك 

تقترح فرضية التكيف المسبق تواجد الاجزاء المختلفة للنظام الحيوي المعقد فى سياقات وظيفية مختلفة فى وقت سابق خلال عملية التطور ، وهذا الزعم لا يحل الاشكالية بقدر ما يزيدها تعقيداَ فالاجزاء والبروتينات كانت متواجدة فى نظام معقد سابق آخر ، وبذلك تم نقل المشكلة فقط من النظام الحالي الى النظام السابق الذي لا زال يواجه نفس المعضلة ، وسنتحول الي سلسلة لا متناهية من الانتقالات دون الوصول الى حل لأصل الاشكال القائم ، علاوة على ذلك يواجهنا تساؤل حول السيناريو غير المعقول الذي سيجبر قطعة من نظام وظيفي قائم لتتخلى عن النظام الذي كانت تشغله لتدمره وظيفيا وتهاجر بطريقة غير معقولة الكيفية لتجد نفسها متوافقة تماما مع أجزاء أخرى فى نظام أخر قائم بوظيفة محددة فتتعشق فى النظام بدقة لتحول الوظيفة الى وظيفة أخرى .

ماهى متطلبات دحض نظام معقد غير إختزالى ؟
لتتمكن الداروينية من وضع إختبار حقيقى حول تفسير أصل آلة جزيئية متكاملة غير قابلة للإختزال 
وظيفيا يتوجب عليها تتبع الخطوات والشروط الاتية التي تم تلخيصها وفقا لمنيوج  Angus Menuge  :   
  • أولا : توافر وإتاحة كل الأجزاء اللازمة لتشكيل النظام المطلوب  .
  • ثانيا : تموقع الأجزاء فى موقع البناء فى الوقت الذي يتطلب وجودها فيه .
  • ثالثا : التنسيق والتوافق لتلك الاجزاء فى الوضع الصحيح لملائمة التركيب فى النظام وفقا للتوقيت والمكان المناسبين لتتفاعل بشكل صحيح  داخل النظام . 
ويسبق ذلك كله توافر تعليمات التجميع الخاصة لتلك الوظيفة  على شريط الحمض النووي والا لن يتمكن من الاستمرار عبر الاجيال التاية وهذه العملية يستحيل إرجائها لعمليات عشوائية فمصدر المعلومات الوحيد المعروف عبر التجارب البشرية هو التصميم الواعي وهو ما لم يتترك اليه أنصار رواية التكيف المسبق .

للمزيد من التفاصيل حول التكيف المسبق راجع المقالات السابقة :
http://creationoevolution.blogspot.com/2014/04/blog-post.html
http://creationoevolution.blogspot.com/2014/04/vs.html

الجمعة، 5 يونيو 2015

نتائج ENCODE لم يتم دحضها


دراسة نشرت فى 2014 تقول أن 8.2 % فقط من الحمض النووي من المرجح أن تكون وظيفية. والباقي عبارة عن "خردة".
http://www.sciencedaily.com/releases/2014/…/140724141608.htm
يتناقض هذا الرقم مع استنتاجات مشروع اينكود ENCODE ، ونتائج أكثر من ألف تجربة بمشاركة عشرات المختبرات ومئات من العلماء في ثلاث قارات، وتم نشرها في وقت واحد تقريباً في عشرات المقالات في خمس مجلات مختلفة - وقدمت أدلة على أن 80٪ أو أكثر من الحمض النووي وظيفية .

العجيب أن الملاحدة الذين يتبنون مبدأ الاحتجاج بالعدد طوال الوقت في إعتراضهم على الانتقادات الموجهة للتطور يقيمون احتفالا ً مبالغاً فيه بالورقة السابقة بالرغم أنها تبدو مغردة خارج السرب تماماً وسط المكتشفات الحديثة ، لكنها قشة أخرى يستغيثون بها من الغرق.
حجة الورقة قائمة على فكرة مفادها أن الأجزاء التي لم يحافظ عليها الانتقاء الطبيعي هي بالضرورة غير وظيفية .
كان هذا مقياس الوظيفة الذي اثبتت دراسات تالية نشرتها مجلة الطبيعية أنه مقياس فاسد تدحضه المشاهدات الفعلية ، فقد وجدت إدراجات عناصر الرتروترانسبوزونات retrotransposon غير المحفوظة بين الانواع المختلفة تحمل وظائف تنظيمية هامة .
binding sites,this may provide unexpected regulatory plasticity ... Evolutionary conservation of primary sequence is typically considered synonymous with conserved function , but this finding suggests that this concept should be reinterpreted , because insertions of retrotransposon elements in new genomic regions are not conserved between species.